الجزائر – النعامة: الاذاعة الجهوية لولاية النعامة تستضيف المدربين نادية أمال وجمال الدين شرقي
من أمام مقر الاذاعة الجهوية لولاية النعامة |
خلال زيارة المدربين جمال الدين شرقي ونادية أمال شرقي الحصة تستعرض وجهات نظر متباينة لقضية معينة بالطرح والتحليل والمناقشة، وهذه مقتطفات من هذا الحوار:
الصحفي توفيق رحماني: أرحب بالسادة الكرام المدربين المعتمدين في مؤسسة إيلاف ترين البريطانية.. في البداية أستاذة نادية أمال.. هناك من لا يعرف مفهوم التنمية البشرية.. ولا بأس أن نعرف بهذا المعنى .
المدربة نادبة أمال: في البداية أود أن أشكركم على دعوتكم لنا وسعداء بهذا اللقاء ..
بالنسبة لمفهوم التنمية البشرية فهو كل ما يسمح للإنسان بأن ينمي قدراته الشخصية، أن يفهم نفسه، يفهم الآخرين ويستطيع الإنجاز والإنجاز مع الآخر..
للعلم فان كبرى المؤسسات في العالم تعتمد على ما يسمى التدريب، بعض الدراسات لديهم تشير بأن كل دولار يستثمر في تدريبات التنمية البشرية أو ما يسمى المهارات اللطيفة فانه يعود بـ 30 دولار على المؤسسة.
تمتد التنمية البشرية وتدريباتها إلى عدة مجالات شخصية فردية وجماعية :كالتواصل وحل المشاكل الزوجية وتربية الطفل والتفوق الدراسي...
الصحفي توفيق رحماني: السيد جمال الدين هل من تعريف شامل للتنمية البشرية أيضاً..؟
المدرب جمال الدين: أرحب بكل من يسمعنا الآن وأشكرك على الدعوة وأتمنى أن يكون اللقاء شيقاً ومفيداً..
أول ما بدأ التفكير في القدرات البشرية في عصرنا الحديث تم التوصل إلى أن الإنسان يستخدم أقل من 1 % من قدراته.. فأين تذهب الـ 99 % .. فأنا كشخص أعيش حياة.. لدي لحظة ميلاد ولحظة وفاة وحياة سأعيشها سأعيشها.. وهناك فرق بين أن أعيشها بإرادتي وقيادتي كربان سفينة وبين أن يخطط لي الآخرون وأعيش ضمن مخططاتهم.. هذا ما يسمى بالتنمية الذاتية.. تطوير القدرات.. ولا نتكلم عن عملية حشو أو اكتساب خارجي كلي ولكن هذه القدرات أساساً موجودة عند الإنسان، ونحن بدورنا نهيئ له البيئة المناسبة حتى يتم استخراج تلك القدرات الانتباه إليها وتنميتها وصقلها بطريقة علمية مطبقة ومجربة.
الصحفي توفيق رحماني:بارك الله فيك الأستاذ جمال الدين ..إذن بالنسبة لمحور النقاش الذي يسلط الضوء على التفوق الدراسي وأسراره.. بطبيعة الحال كل شخص يحب النجاح في مشواره الدراسي والتفوق على أقرانه وهذه ربما سنة الله في خلقه.. وليس فقط النجاح في الحصول على الدرجات العالية في الاختبارات وإنما أيضاً في اكتساب الشهرة مثلاً والنجاح في الحياة. فأين تكمن أسرار التفوق؟
المدربة نادية أمال: اذن السؤال المطروح لماذا لا نتفوق؟ لماذا يحقق شخص ما نجاحاً وأنا لم أحققه؟ فلان أمن بيتاً، تزوج، لديه أطفال، لديه عمل. وأنا أشعر بأن حياتي ضائعة؟ ما الفرق بين هذين الشخصين؟ في الحقيقة يكمن الفارق في استراتيجية كل واحد منا في التخطيط لحياته وتنمية قدراته.
الأمسية عالجت مشكلة الإيحاءات السلبية عند الطلبة أو عند كل إنسان يعجز عن التفوق أو تحقيق شيء ما..
ما أثبتته الأمسية هو أننا نحن المسئولون عن وضع أنفسنا ضمن ما يسمى إطار الإدراك السلبي.. والذي يعني ببساطة أن تعجز نفسك وتبقى حبيس مشاعر وأفكار أو معتقدات سلبية لا تزيد بك إلا غوصاً في مشكلة ما.. معتقدات أو برامج أو قناعات قد تكون أنت من وضعها لنفسك أو غيرك كالوالدين أو الأصدقاء أو المجتمع ككل.. توحي إليك بأنه لا يمكنك أنت بالضبط تحقيق شيء يذكر، أو أنت الأصح وغيرك دوما خاطئ، أو أن الأمر عادي فلنعش كغيرنا.. وإذا سألت لماذا لا يمكن أن يتغير كل ذلك.. ستجد العديد من الأعذار! وحتى يمكننا الخروج من كل هذا علينا أن نبحث عن المصادر الصحيحة لمعتقداتنا.. أن نبحث عن الحقيقة وعن الأصح، وأن نتقبل الرأي الآخر.
الصحفي توفيق رحماني:لكن ألا يتعلق هذا بشخصية الإنسان؟ فإذا كانت سلبية تبقى سلبية وإذا كانت ايجابية أنجزت وتفوقت.. أليس كذلك أستاذ جمال الدين؟
المدرب جمال الدين: هناك ما يسمى بمفهوم المحاربة على البقاء.. قد يقول أحد المستمعين..كلامكم جميل ولكن الوضع غير مساعد.. لست مستقراً مادياً.. وضعي غير جيد.. فكيف تتوقعون مني أن أتفوق؟
لو وضعنا هذا الشخص في غرفة معزولة وأعطيناه هاتفاً ببطارية فارغة وقلما، وأضرمنا النار في إحدى الزوايا.. فكيف ستكون ردة فعله؟ الأكيد أن قوة إبداعية كبيرة ستبرز حينها لأنها ستصبح قضية حياة أو موت.. سيضطر إلى التفكير.
الصحفي توفيق رحماني:اذن تزيد الثقة أيضاً!
المدرب جمال الدين:هناك شيء يحرك... فلماذا ننتظر حتى يحدث شيء ما، لماذا نتحرك الآن وليس قبل هذا؟ لماذا ننتظر الظروف؟ أساساً نحن من يصنع الظروف.. أنشتاين يقول: "عندما كان الناس يفكرون في الممكن.. كنت أفكر في المستحيل" وقد وصل إلى ما وصل إليه.
هل تعتقد بأنه لا بد للإنسان أن يكون مارداً حتى ينجح في الحياة؟ كل الناجحين الذين تم استنباط استراتيجياتهم، انطلقوا من الصفر بل من تحته.
الصحفي توفيق رحماني:من اللاشيء؟
المدرب جمال الدين: لأنهم أحسوا بقيمة وجودهم في الحياة.. أنا في هذه الحياة سأعيش وسأموت.. فلماذا خلقت؟ لماذا أنا هنا؟.. عندها يبدأ الإنسان بالتفكير – وهذا ما نحتاج إليه.. إعادة النظر في طريقة تفكيرنا أولا، بعدها سيأتي كل شيء بطريقة تلقائية وإنسيابية.
وهذا ما يقودنا إلى ما يجسده غياب الهدف.. فحينما تسأل أحدهم ما هو هدفك في الحياة.. يجيبك.. أعيش عادي.. كقصة الانسان "عادي".
وكم من شخص مثل هذا؟ وكم من شخص يذكره التاريخ ليومنا هذا؟ وهنا المفارقة!
الصحفي توفيق رحماني: لو تحدثنا عن تجميع المعلومات وتخزينها.. كيف يتم استخدام الذاكرة؟
المدرب جمال الدين: الذاكرة أشبه ما تكون بخزانة. تضع فيها ملفات وتأرشف فيها معلومات..وحتى يمكنك ذلك لا بد من وجود نظام للأرشفة.. ففرضاً أن السكرتيرة وضعت الملفات بطريقة عشوائية وذهبت في عطلة.. في غيابها هل سيسهل على أي أحد جلب الملفات المطلوبة؟ سيكون الأمر مجهداً ومضيعة للوقت لأنه لا يوجد نظام تخزين.. كذلك الأمر بالنسبة لذاكرة الإنسان..إذا خزنت المعلومات بطريقة ونظام يوافق عمل الذاكرة فستجني الكثير من الثمار.
واليوم في الأمسية تم تجربة ذلك مع الطلبة وما كان حفظه صعباً أصبح أكثر سهولة باستعمال تقنية الربط مع الجسد.. وهذه التقنيات موجودة لدى الكثيرين كحفظ أرقام الهواتف بربطها بأرقام الولايات (المحافظات) عند البعض..
الصحفي توفيق رحماني: النجاح هو شعور داخلي بتحقيق ما قد نصل إليه من خير وزيادة في الثقة، وإدراك للقدرات الكامنة.. هذه الأسرار كيف تتمحور في ذاكرة الإنسان؟
المدربة نادية أمال: هل تقصد كيف يمكن لأي شخص أن يحقق هذه الأهداف؟ وما هي استراتيجية التفوق؟
في الحقيقة لأي نجاح يجب أن يكون هناك هدفاً محدداً مهما كان هذا الهدف: أشتري سيارة.. أجد زوجة تناسبني.. أتواصل بيسر مع زوجي، مع ابني، أن يفهمني الآخر.. أن أكون وزيراً.. كلها أهداف.
فكيف تصل لهذا الهدف؟
عليك أولا أن تسمي هذا الهدف.. ما ذا تريد؟ وأن تصيغه بطريقة ايجابية.. ركز على ما تريد لا على ما لا تريد.. لنأخذ مثالاً على إحدى القضايا التي تناولتموها وهي العنف الأسري.. قد تقول زوجة: "لا أريد أن يضربني زوجي".. هذه الصيغة تشوش العقل بل تجعله لا يقدم على شيء.. تحتاجين إلى صيغة واضحة وإيجابية.. ماذا تريدين؟ أريد أن أعيش بكرامة.. أن يحبني زوجي.. أن يكون وفياً..
شرط آخر وهو الوضوح..حدد الظروف والكيفية التي سيتحقق يها هدفك.. متى وأين وكيف ومع من ستحقق هدفك هذا.
أن تكون أنت المسؤول عن تحقيق هذا الهدف وأنت من حددته.. ربما الكثير منا حدد له أبواه أو أصدقاؤه هدفاً ما.. كاختيار اختصاص ما للدراسة.. ولكن تجد أن الكثيرين لم ينجزوا تلك الأهداف أو افتقدوا المتعة والدافعية.. عليك أن تقرر أنت فأنت من يدفع الثمن.
التوثيق.. الناجحون يخططون على الورق.. اكتب كل فكرة ولو كانت بسيطة أو تبدو مستحيلة، واكتب كل خططك وخطوات تحقيق الهدف...
الصحفي توفيق رحماني:أستاذي الكريم.. كيف يتم التنسيق مع الجمعيات والهيئات في مجال التنمية البشرية؟
المدرب جمال الدين: نحن اليوم أحوج ما نكون لهذه العلوم .
كيف يتم التنسيق؟ لدينا كمؤسسة تدريبية العديد من الكورسات والدورات التدريبية في الكثير من المجالات كالبرمجة اللغوية العصبية، إدارة الوقت، القيادة، القراءة السريعة.. حفظ القرآن في وقت قصير.. وقد يقول أحد المستمعين: كيف يمكننا قراءة كتاب في مدة قصيرة.. نقول له التجربة خير دليل ولديك كل الحق لتعويضك في حال لم تحقق أهدافك.
لقد تمت دعوتنا لمدينة النعامة للتعريف بمفهوم التنمية البشرية وقمنا بتقديم أمسيتين بالمعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني ضمن النشاطات الفكرية المخصصة للطلبة وأساتذة المعهد وقد كانت النتائج فوق المتوقع.
الصحفي توفيق رحماني: يعني كان هناك تجاوبا..
المدرب جمال الدين: بالفعل وكان ذلك لأمرين.. طريقة الإلقاء المدروسة والمادة المعروضة التي ليست أي مادة اذ نلمس ونجد فيها ما نحتاج إليه.
الصحفي توفيق رحماني: أين تنظم أغلب الدورات التدريبية؟ هل تركزون فقط على الجمعيات أم على الهيئات الحكومية؟
المدرب جمال الدين: نحن أينما يكون الطلب.. موجودون.. قُدمت دورات إيلاف ترين في الكثير من ولايات الوطن، وهناك الكثير من التطوير والتحديث.
الصحفي توفيق رحماني:كانت الأمسية مجانية؟
المدرب جمال الدين: نعم.. الأمسيات مجانية ولكن الدورات مأجورة.
الصحفي توفيق رحماني: هناك فرقاً إذن!
المدرب جمال الدين: مأجورة لماذا؟ هناك حقوق ملكية تدفع أجورها، وهناك تكاليف قد تكون أحياناً عالية جداً بالإضافة إلى الجهد الذي يبذله المدرب في التحضير والبحث والإعداد وحضور دورات أيضاً.
الصحفي توفيق رحماني: شكراً لكم أساتذتي على إثراء هذا النقاش وكل ما تعلق بأسرار التفوق الدراسي واستخدام الذاكرة.. الوقت داهمنا.. شكراً على حسن الإصغاء مستمعينا الكرام ودمتم في رعاية الله وحفظه.