السعودية – الرياض: خطة تنموية شاملة

السعودية – الرياض: خطة تنموية شاملة
الرياض





تبلغ القيمة المالية لخطة التنمية التاسعة نحو 385 مليار دولار، بزيادة 67 في المائة عن الخطة السابقة الأمر الذي يكشف رغبة السلطات السعودية في معالجة بعض الأهداف التنموية وبسرعة قياسية. وقد ظهرت مؤشرات الخطة منذ الكشف عن ميزانية السنة المالية 2010 بنفقات قدرها 144 مليار دولار أي الأكبر في تاريخ المملكة.

مخصصات الخطة:

كما تتميز الخطة الجديدة بتخصيص أكثر من نصف الإنفاق على القوى العاملة والتعليم والتدريب، لكن دون إغفال بعض القطاعات الحيوية الأخرى مثل النقل والاتصالات. وبشكل أكثر تحديدا، تم تخصيص 50.6 في المائة من النفقات لقطاع تنمية الموارد البشرية. وحل قطاع التنمية الاجتماعية والصحة في المرتبة الثانية من حيث الأهمية النسبية بحصوله على 19 في المائة من إجمالي النفقات. وتتوزع باقي المصروفات على النحو التالي: 15.7 في المائة لقطاع تنمية الموارد الاقتصادية و7.7 في المائة لقطاع النقل والاتصالات، فضلا عن 7 في المائة لقطاع الخدمات البلدية والإسكان.

بدورنا، نرى صواب تخصيص نصيب الأسد من النفقات لقطاع تنمية الموارد البشرية؛ حتى يتسنى مواجهة بعض التحديات الجوهرية، خصوصا معضلة البطالة. تتضمن الخطة تقليص معدل البطالة من نحو 9.6 في المائة في العام 2009 إلى نحو 5.5 في المائة في نهاية 2014. بيد أنه تشير أحدث الإحصاءات إلى بلوغ البطالة نسبة 10.5 في المائة في آب (أغسطس) من عام 2009 بعد أن بلغ عدد العاطلين نحو 449 ألف فرد، جُلُّهم من الفئة العمرية 20 حتى 24 سنة. كما نؤيد توجه الخطة إلى زيادة نسبة العمالة الوطنية من إجمالي العمالة من نحو 48 في المائة في عام 2009 إلى 53.6 في المائة في 2014؛ لأنه ليس من المنطقي أن تشكل العمالة الوافدة أكثر من نصف القوى العاملة في ظل وجود بطالة في أوساط المواطنين.

التنمية البشرية:

في كل الأحوال، من شأن تخصيص أموال ضخمة نسبيا للتعليم والتدريب والصحة تحسين ترتيب السعودية على مؤشر التنمية البشرية. وكان تقرير التنمية البشرية لعام 2009، الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منح السعودية المرتبة الـ 59 من بين 182 بلدا في العالم. يعد هذا الترتيب الأسوأ بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث حلّت كل من الكويت وقطر والإمارات والبحرين وعمان في المراتب الـ 31 والـ 33 والـ 35 والـ 39 والـ 56 على التوالي. يعتمد التقرير على نتائج ثلاثة معايير عند تقييم الدول، وهي العمر المتوقع عند الولادة ونسبة المتعلمين ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

وتشمل بعض التفاصيل المثيرة للخطة افتتاح 25 كلية تقنية جديدة وتجهيز 28 معهدا تقنيا عاليا، فضلا عن معهد مهني صناعي. ومن شأن المعاهد الجديدة في حال افتتاحها جعل الاقتصاد السعودي أكثر اعتمادا من قبل على المعرفة والتقنية، وبالتالي مواكبا لمتطلبات عصر العولمة. كما تشمل الخطة افتتاح وتشغيل 117 مستشفى، من بينها 32 تخصصية، فضلا عن افتتاح وتشغيل 750 مركز رعاية صحية أولية. كما أسلفنا، يعد معيار الصحة أحد متغيرات مؤشر التنمية البشرية.

تطوير الاقتصاد الشامل:

بالنسبة إلى الشأن الاقتصادي الشامل، تستهدف الخطة تسجيل نسبة نمو قدرها 19.6 في المائة لقطاع النفط والغاز، أي أقل من الخطة الثامنة التي استهدفت نسبة 23.7 في المائة للقطاع النفطي تماشيا مع الهدف الاستراتيجي، المتمثل في الحفاظ عل الثروة النفطية للأجيال المقبلة. لكن المطلوب تطوير أداء بعض القطاعات الحيوية الأخرى مثل الصناعة والخدمات المالية، الأمر الذي يتطلب إفساح المجال أمام مستثمري القطاع الخاص المحلي، فضلا عن استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

كما نرى صواب الحديث عن إنشاء مليون وحدة سكنية في جميع مناطق المملكة طوال مدة الخطة عن طريق الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وما يبعث على الاطمئنان في هذا الصدد وجود قطاع خاص وطني في السعودية يرغب في الاستثمار في الاقتصاد المحلي، رغم وجود تحديات متنوعة تشمل البيروقراطية في المؤسسات الرسمية.

في المقابل، لا بد من التأكد من عدم تسبب خطة التنمية التاسعة وعبر صرف أموال ضخمة في تمهيد الطريق لعودة شبح التضخم للاقتصاد السعودي. نقول ذلك في ظل وجود مؤشرات مقلقة بدليل تسجيل نسبة تضخم قدرها 5.5 في المائة في حزيران (يونيو) الماضي، مقارنة بـ 3.5 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2009.

ختاما، لا مناص من تحديد جدول زمني واضح لتنفيذ تفاصيل الخطة، حيث تعد فترة السنوات الخمس طويلة نسبيا في عالم سريع التغير.

المصدر: مباشر

 

 

شارك