سوريا - اللاذقية: لقاء إذاعي عبر أثير إذاعة أمواج FM للمدرب منذر رفيق فضة بعنوان قيادة الحياة

سوريا - اللاذقية: لقاء إذاعي عبر أثير إذاعة أمواج FM للمدرب منذر رفيق فضة بعنوان قيادة الحياة





اسمحي لي في البداية أن أؤسس لهذه الحلقة مع جمهورك الكريم... فعند وضع أسس واضحة نستطيع أن نسند كلامنا لهذه الأسس... هذه الأسس التي سنعتمد عليها في قيادة حياتنا.

الأساس الأول... لا يوجد هناك عصا سحرية تحل المشاكل وتؤدي إلى النجاح أو إلى حياة أفضل... لكن هناك ممر... هذا الممر معبد بقواعد ومبادئ حظيت بالاحترام عبر التاريخ... هذه القواعد والمبادئ والأسس ولنصطلح على تسميتها "القوانين الكونية" هي عبارة عن قوانين ثابتة وموجودة منذ الأزل... ما يتغير فقط هو إدراكنا لهذه القوانين... وبقدر ما تؤمن بهذه القوانين بقدر ما تحقق النجاح... وإن أي

هناك قوانين تضعها الدولة، بشكل أو بآخر يقوم البعض بخرق لهذه القوانين... قد يُلقى القبض على مخترق هذه القوانين وقد يفلت من العقاب.

لكن لا يمكنك خرق القوانين الكونية والإفلات من العقاب!

لنأخذ مبدأ المزرعة على سبيل المثال... فالمزارع يزرع البذور في الخريف... ليقوم الشتاء بسقاية الأرض... والربيع بتلقيح الأزهار... ليجني المزارع الثمار في موعدها.

فهل من المعقول أن يزرع الفلاح بغير هذه الطريقة؟

طبعاً... والبيوت البلاستيكية ومنتجاتها التي أضيف إليها الهرمونات خير دليل... وبإمكان أي شخص فينا الدخول إلى الإنترنت ليعرف التأثير السلبي للمزروعات البلاستيكية في حال تم استهلاكها على المدى الطويل.

الأساس الثاني، لاحظ الظواهر، يأتي المريض إلى طبيب الأسنان ويكون شكل أسنانه غير منتظم، فيقوم الطبيب بوضع تقويم للأسنان له. بعد سنة، نلاحظ أن شكل الأسنان قد أصبح منتظماً... فما الذي حدث؟

ببساطة تغيير بسيط بمعدل جزء من الميللي متر يومياً... أدى إلى هذا التغيير الرائع بعد مرور سنة.

يسمى هذا المبدأ... بمبدأ التحسين المستمر والمعروف بتسميته في اللغة اليابانية بالـ "كايزن"

هذا المبدأ يدفعنا للقيام بالتحسين ولو كان صغيراً... بشكل يومي في حياتنا... يؤدي إلى تحسين كبير بعد مرور عام.

والعكس أيضاً صحيح... فإساءة صغيرة نقوم بها يومياً... تؤدي إلى أضرار كبيرة بعد عام.

أين يرتبط هذا بإدارة الوقت وقيادة الحياة؟

الوقت الذي نخصصه يومياً في القيام بأمور تؤدي إلى تطويرنا وتحسين أنفسنا.

والوقت الذي نبتعد فيه عن الأمور التي تسيء لنا، هو الوقت الذي يصنع الفارق.

كأن نترك العادات الغذائية السيئة ونلتزم يومياً بالقيام بالتمارين الرياضية... هل بإمكانك عزيزي المستمع أن تتخيل أثر هذا الموضوع عليك بعد سنة؟

هناك ارتباط وثيق ما بين الأساس الثاني والأساس الأول... إذ يأتيك شخص بعادات غذائية سيئة لمدة خمس سنوات ويريد أن يصبح صحياً في خمسة عشر يوماً...

بالتأكيد هناك وسائل تجعله يحقق هذا الهدف... لكن ما تأثير هذه الوسائل على المدى الطويل؟، أيضاً جولة صغيرة في عالم الإنترنت تريك النتائج الكارثية لهكذا إجراء... وكل طبيب لديه ضمير ولا يفكر بالأسلوب التجاري سيوضح لك تلك الآثار.

الأساس الثالث... في ظروف متطابقة تماماً... إذا كان هناك بنكان، الأول يعطي سعر فائدة 20% والثاني يعطي سعر فائدة 10% فمن الطبيعي أن تضع أموالك في البنك صاحب المعدل 20%

ابحث دائماً... فإذا كان هناك خيار أكثر صحة من خيارك، فخيارك خاطئ، فإذا أخذت القرار بوضع أموالك في البنك صاحب الـ 10%، فأنا لا أستطيع أن أقول عن خيارك بأنه أقل صحة.

أيضاً كيف يرتبط هذا المبدأ بإدارة الوقت وقيادة الحياة؟

على أبسط المستويات، عندما تمتلك وقت فراغ، بإمكانك أن تقوم بعمل يؤدي إلى تحسن حقيقي في حياتك، أو القيام بعمل لا يؤدي لأي تحسن... أو القيام بعمل يؤدي إلى إساءة لحياتك (كالتدخين مثلاً).

إن كنت تمتلك وقت فراغ، وأمامك هذه الخيارات الثلاثة وعليك أن تدرك وفقاً للأساس الثالث بأن القيام بالعمل الذي يؤدي إلى تحسن حقيقي في حياتك هو ما يجب أن تقوم به... ولو كان يؤدي إلى تحسن صغير جداً.

هذه المشكلة الأساسية التي تواجه البشر في قيادة حياتهم، الاختيار بين أمر جيد وأمر سيء موضوع سهل كلنا بارعون  فيه... لكن عندما يتعلق الأمر بالاختيار بين أمر جيد وأمر ممتاز هنا تكمن المشكلة.

السيئ ليس العدو الحقيقي للممتاز، العدو الحقيقي للممتاز هو الجيد.

نحن على أبواب الامتحانات في هذه الأيام... من السهل أن تقنع الطالب بالعمل على النجاح بدلاً من الرسوب... لكن من الصعب أن تقنع أي طالب بالعمل على التفوق بدلاً من النجاح.

تذكر الأسس دائماً

لا توجد عصا سحرية للنجاح... والطريق إليه قائم على أسس ومبادئ.

استخدم التحسين المستمر وابتعد عن الإساءة المستمرة.

إذا كان هنالك خيار أكثر صحة من خيارك... فخيارك خاطئ.

سؤال:

المبادئ الكونية تتميز ببساطتها ولهذا يفهمها الجميع، تخيل لو أعطيتك Puzzle مكونة من 10 آلاف قطعة، هل كنت ستستطيع تركيب الPuzzle من دون الصورة الكاملة؟

هذا بالضبط ما يحصل لحياتك عندما تحاول أن ترتبها من دون معرفة النتائج، فالفوز يبدأ من البداية.

تخيل حفلة ميلادك الـ 83... كيف تريد أن تكون كأب وكجد؟ كيف تريد أن تكون كصديق؟ وكيف تريد أن تكون كعامل أو كرب عمل؟

تحديدك لحفلة ميلادك الـ 83 هو الصورة الكاملة التي تضع على أساسها خطتك في الحياة... خطتك التي تتوازن فيها أولوياتك لتنجح في كل هذه الأمور سوية... فلا يجب أن تكون في تلك اللحظة صاحب أموال ينتظر الجميع أن يرثوك... بل يجب أن تكون مثلاً أعلى وصاحب أثر لن يزول.

انت لديك حساب على فيسبوك... عندما تكتب شيئاً على صفحتك، تدخل على الأقل مرتين يومياً لترى كم Like وكم Comment جاءك، ما بالك بخطة حياتك؟... ألا تراجع وتقيم هذه الخطة مرة على الأقل كل أسبوع؟

خطط منذ اليوم لحفلة عيد ميلادك الـ 83.

سؤال:

الكثير من الأهالي يندهش عند إعلان نتائج البكالوريا... فهم توقعوا أن يحقق ابنهم مجموعاً أكبر...

أكثر العبارات التي أسمعها من الأهالي تكون:

"والله وفرت له كل شيء... أفضل أساتذة وأفضل معاهد ووعدته بأفضل الهدايا... ولم يحقق شيء"

الطفل... عندما يكون صغيراً... يبكي عندما يقوم أي أحد بإبعاده عن حضن أمه أو أبيه، بينما عندما يكبر تلاحظ أنه قليلا ما يقترب من والده أو والدته!

ابنك وتحديداً في سن المراهقة يبتعد عنك ويأخذ نصائحه وحكمته في الحياة من أشخاص هم في أفضل الحالات يشكلون 1 بالأف من ذكائك وخبرتك في الحياة.

دائماً الأهل يعتقدون أنهم وفروا كل شيء لابنهم، بينما في الواقع هم أغرقوه بالكثير من الأمور التي لا تشكل أولوية بالنسبة له... وحجبوا عنه أهم الأمور في حياته... (التوجيه).

هل أنت رب منزل تدير منزلك أم موظف تكسب النقود؟

في الغالب سيكون جوابك الإثنين... لكن هل ينحصر دورك كرب منزل بتأمين الدخل فقط؟ بوضع الأساتذة لإبنك فقط؟

نعود للمشكلة الأساسية، فالاختيار بين أمر سيء وآخر جيد هو أمر سهل، لكن المشكلة هي الاختيار بين الجيد والممتاز، فالجيد عدو الممتاز.

الحل بالكايزن... بالتحسين المستمر، 5 دقائق يومية مع ابنك على طاولة الغداء... تصنع الكثير على مدى عام... ما بالك على مدى حياته بالكامل؟

يجب أن يشعر الطفل بأن أهله بر أمان له عندما يخطئ.

فأن يخطئ الإبن ويخبرك... أفضل بكثير من أن يخطئ ولا يخبرك (الممتاز والجيد)

لذا وعبر التحسين المستمر يومياً، يجب أن يشكل الأهالي لأبنائهم أداة تصحيح وليس أداة عقاب.

أداة انتشال من الأزمة لا أداة تعميق للأزمة.

والسؤال لك الآن... كيف تعامل أبناءك؟... هل أنت أداة تصحيح أم أداة عقاب، أداة انتشال من الأزمة أم أداة تعميق للأزمة؟

سؤال:

ملاحظة الأمور الأهم ووضعها أولاً، سأستخدم بعض الأمثلة القاسية:

نحن نعيش حياتنا بطريقة طبيعية... على الأقل نعتقد أنها طبيعية... فجأة نسمع بوفاة أحدهم، نشعر بالحزن العميق وربما نشعر بالندم على تلك الأوقات التي ضاعت من دون أن نخبرهم بمدى حبنا لهم... الأوقات التي ضاعت من دون أن نجلس مزيداً معهم.

نجلس في المنزل مرتاحين وفجأة... تشعر بألم حاد في الصدر... وتبدأ بالتيقن شيئاً فشيئاً بأنها الأزمة القلبية!

في وعكة مرضية مفاجئة يطلب الطبيب أن تقوم ببعض التحاليل لتأتيك النتائج بارتفاع نسبة كوليسترول الدم!

في صدفة ما... تكتشف بأن ابنك مدمن على التدخين!

نداءات الاستيقاظ هذه هي ما يشعرك بأن هناك خطأ ما في حياتك... تجعلك تشعر بالأمور الهامة التي لم تنتبه إليها مسبقاً... هي ما يشعرك بأن هناك (إساءة مستمرة) (عكس التحسين المستمر) كان يطبق يومياً بشكل صغير على صحتك أو على علاقتك بأبنائك أو على علاقاتك الاجتماعية.

البعض تأتيه فرصة التصحيح... فيخرج من الأزمة القلبية بسلام... أو ينجح في إقناع ولده بترك التدخين، لكن البعض لا ينجو من هذا الاختبار... فقد يغيب الموت أحداً وقد يجنح الإبن للجريمة وليس فقط للتدخين.

لا تنتظر نداءات الاستيقاظ... وعش أدوارك بالكامل كأب وكرب عمل وكصديق وكإنسان مسؤول عن جسده وصحته... وتصبح عبر هذا الممر القائم على مبادئ التحسين المستمر والخيار الأفضل... قائداً لحياتك.

شارك