في ذكرى شهداء إيلاف ترين

في ذكرى شهداء إيلاف ترين





كيف تكون البداية؟ وكثيراً ما سألت نفسي كيف تكون البداية؟ لأنه ما أن هممت بكتابة هذه التذكرة حتى تزاحمت الأفكار في ذهني وتسابقت الصور إلى مخيلتي, فأضحى من العسير علّي فك هذا التشابك ولكن في النهاية, لابد من بداية

إنّ الحديث عن الأخ رامي في الذكرى الأولى لاستشهاده يعني لي الحديث عن مسيرة مكتب أحباء إيلاف ترين بمدينة تقرت, وهذا في حد ذاته موضوع طويل عريض,  ويشمل تفاصيل لا يتسع المقام لذكرها. لهذا سأحصر حديثي عن أحداث شهر ماي (أيار) من السنة الماضية, لأنه كان شهراً عصيباً علينا وكان كئيباً حزيناً. لما طبعه من أحداث مؤلمة مر بها مكتب إيلاف ترين لمدينة تقرت, وكانت البداية مع بداية الشهر إذ في الأول منه تلقينا نبأ وفاة الأخ المهندس: عبد اللطيف عبيدلي إثر حادث سير وكان المرحوم عبد اللطيف أول من أدخل فكرة إيلاف ترين إلى تقرت بتكليف من الأخ داري قدور, وكان له الفضل والأسبقية في إنشاء المكتب. وما إن بدأ وقع الصدمة يخف حتى تلقينا من جديد نبأ وفاة الأخ: التجاني صندالي في الرابع عشر من نفس الشهر إثر حادث سير كذلك. وكان الأخ التجاني مسؤولاً عن تسيير الجانب المالي للمكتب, فتجدد الجرح وعظم الخطب. ولكن كان لا بّد لعجلة الحياة أن تستمر وأن نستمر معها, إلى أن برمجنا دورتي: فن البيع ودبلوم البرمجة اللغوية العصبية بالتنسيق مع الأخ داري قدور الذي أعلمنا أن المدرب: رامي حوالي هو الذي سيقوم بتدريبهما وطبعاً لم تكن لنا معرفة سابقة به. كما علمنا أيضا أنها المرة الأولى التي سيزور فيها الجزائر, فسعينا نحن أعضاء المكتب من أجل إنجاح الدورتين, وقد كان للأخ: أحمد روان مدير المكتب والأخ المدرب السعيد بلموم فضل كبير في ذلك النجاح. وحينما حل الأخ رامي بمطار تقرت كنت أنا والأخ أحمد في انتظاره بينما رافقه الأخ بلموم من العاصمة, وبدون ذكر ما تخلل ذلك من سرور وبهجة يمكن القول أنه كان حدثاً رائعاً بالنسبة لنا.
وبما أنني كنت مكلفاً بمرافقة الأخ رامي في كل تحركاته وتنقلاته بسيارتي الخاصة فقد أمكنني الاحتكاك به أكثر ومعرفته عن قرب, وما يمكنني ذكره عنه في هذا المقام أنه كان إنساناً بشوشاً ومرحاً وصاحب نكتة وكان متواضعاً ويحب أن نشاركه في كل شيء وكان يميل في تعاملاته إلى البساطة, وفي الوجبات الغذائية كان يطلب منا أن نقدم له وجبات محلية, كما أنه كان يهتم كثيراً بالمظاهر العمرانية والتفاصيل الهندسية للبناءات حتى أنه كان يأخذ صور فوتوغرافية لبعضها وكان يسعد كثيراً بتقديم المعلومات والشروحات للمتدربين ولكل من يسأله. ومن التعليقات التي وردت من المتدربين على المدرب رامي حوالي يمكن أن أذكر التعليقات التالية:
- مدرب متمكن من مادته العلمية
- لقد أجاد وأفاد, خفيف الظل
- مدرب أكثر من رائع
- مدرب رائع, لم أتوقع حقاً أن يكون بذلك المستوى العالي
- الأستاذ رامي ذخر للأمة الإسلامية
- جد فعّال ومؤثر خاصة في الروحانيات
- إنسان حبوب
وبعد اختتام الدورتين قدم المدرب رامي أمسية لأعضاء نادي أحباء إيلاف ترين وما ميز هذه الأمسية أنه هبت أثناءها عاصفة شديدة وماطرة فانقطع التيار الكهربائي غير أن المدرب رامي سيطر على الموقف بكل ثبات وواصل الأمسية على ضوء الشموع فكان المنظر على أروع ما يمكن أن يكون وفي الحقيقة قد حصلت للأستاذ رامي عدة مواقف طريفة لا يتسع المكان لذكرها.
وبما أن الأستاذ كان على موعد مع أمسية في مدينة العلمة بولاية سطيف فقد تقرر أن يذهب في رفقة المدرب بلموم والأخ أحمد روان والأخ خيراني كسائق, وفي الطريق تعرضوا لحادث سير أودى بحياتهم جميعاً في آخر يوم من شهر ماي بعد الزوال, وكان وقع الخبر علينا كالصاعقة, وتركنا مشدوهين لعدة أيام ونحن بين مصدق ومكذب لأنه خبر زلزل منطقتنا بكاملها وتجاوز صداه حدود الوطن.
وقد كان لي الشرف أن أشرفت على عملية غسل الأخ رامي وبينما هو يرقد أمامي في هدوء وسكينة كنت ألمسه وأقول له: رحمة الله عليك يا رامي, رحمة الله عليك, وأنا غارق في بحر من الدموع.
فقد كان ككل مدربي إيلاف ترين السوريين الذين لا تملك إلا أن تحبهم.
مع التحية: المدرب الأزهري بورقعة

 

 

 

 

متعلقات

سجل التعازي

الخبر الرئيسي ( لقطات أخيرة)

 

 

 

 

شارك