مقابلة مع المدرب الدولي محمد بدرة لجريدة المنار الجزائرية
لقاء صحفي مع المدرب محمد بدرة |
الجزائر، الجزائر - 2007-01-28
مقابلة صحفية مع المدرب الدولي محمد بدرة لجريدة المنار الجزائرية التي صدرت في 24-1-2007 علماً بأنها تصدر اسبوعياً يوم الأربعاء وإليكم تفاصيل المقابلة التي أجريت مع المدرب الدولي محمد بدرة.
سمعناكم تتكلمون عن "مشاكل الحفظ"، ماذا تريدون بها؟
نقول هنا - مجازاً- مشكلات الحفظ وذلك لما تعارف كثير من الطلبة على هذا التعبير.. والأدق الأصوب أن نقول الأمور التي تعرقل عملية الحفظ وجعل من الحفظ مشكلة ومن تلك التي تسبب هذه المشكلات
الحفظ قبل فهم المعنى مباشرة:
يلاحظ أن الحفظ الأصم الآلي الذي يعتمد على التكرار دون فهم المراد والمعنى لا يثبت في الذهن مثلما يثبت الحفظ المبني على فهم ما يحفظ.. ويعتبر هذا سبباً رئيسياً في عرقلة عملية الحفظ. ومن هنا كانت النصيحة بعدم حفظ شيء قبل فهم معناه.
1. التقصير في مداومة الحفظ والتواني والإهمال في الحفظ بعد الفهم:
ينبغي على الطالب عدم إجراء الحفظ إلى وقت قريب من الامتحان، فترك عملية الحفظ فترة طويلة بدون موالاة ومداومة دون الرجوع إليها اعتماداً على إمكانية حفظها في وقت لاحق توهماً بأنه طالما قد فهم المعنى يسهل الحفظ، فيهمل ويتوانى في عملية الحفظ فإذا عاد إليهما صعب عليه الأمر ويتصور من جراء ذلك أن الحفظ عملية عسيرة تعد مشكلة النسبة إليه بينما هو الذي أوجدها بتقصيره وإهماله.
2.الضجر والضيق من عملية الحفظ:
مما لا شك فيه أن الطالب الضجور الملول من عملية الحفظ لا يمكنه أن يختزن في ذاكرته شيئاً، فالميل إلى الشيء والتحمس له يعتبر أساس النجاح والتفوق فيه.. ولذا كان الطالب المثابر ذو الإرادة القوية في تحصيل وحفظ شيء هو الذي ينال ما يريده دون معاناة مثل تلك التي يشعر بها الطالب الضجور الذي يمل من الحفظ دون سبب واضح سوى أن نفسه المدللة غير ميالة عزوفة عن بذل جهد في الحفظ.
3.الحفظ دون استخدام القلم والورق:
الطالب الذي يعتمد على ذاكرته دون الاستعانة بإشراك أكثر من حاسة كاليد في تسجيل ما حفظه في ورقة ثقة منه بأن المعلومات قد استقرت في ذهنه هو أكثر عرضة للنسيان فضلاً عن بذل جهد أكبر من ذلك الذي يستعين بالقلم والورق.
ولذا كانت النصيحة للطالب: استخدم القلم والورق في تسجيل ما حفظته لتعرف مقدار ما حفظته والأخطاء التي وقعت فيها أو ما فاتك من مقاطع في المادة موضوع الحفظ فتصحح هذا وذاك فستدرك ذلك في المرة القادمة أو التي تليها.
ربما تساءل كثير من الطلبة الذين يجدون صعوبة في الحفظ ويقولون لماذا ننسى؟
النسيان - كما يعرفه علماء النفس- بأنه فقدان طبيعي، جزئي أو كلي مؤقت أو دائم لما اكتسبناه من معلومات ومهارات حركية، فهو عجز عن الاسترجاع أو التعرف أو عمل شيء.
ولكن يلح تساؤل محير: لماذا يحدث النسيان؟! فنجيب: إن النسيان يحدث نتيجة لعدة عوامل منها:
1.ترك المادة فترة طويلة دون الرجوع إليها:
يضعف تذكرها وتضمر نتيجة لعدم استعمالها كما تضمر العضلة إن تركت مدة طويلة من الزمن دون استعمال. وهذا ما يسمى في علم النفس بنظرية "الترك أو الضمور".
2.التشابه بين المادتين السابقة واللاحقة:
كلما زاد ذلك التشابه زادت انطماس إحداهما بالأخرى، وكلما اختلفا قلت درجة نسيان كل منها. وهذا ما يسمى بنظرية "التداخل و التعطيل". من أجل هذا يتعين على الطالب أن يتجنب مثلاً استذكار مواد الميكانيكا والجر وحساب المثلثات في جلسة واحدة، فإن هذا يكون أدعى لعدم تثبيت هذه المواد في ذهنه مما لو حاول استذكار منها في جلسة خاصة وتنويع ما يقوم بحفظه كأن يستذكر مادتي الجبر واللغة العربية مثلاً معاً وبذلك يتجنب ما من شأنه أن يحدث تداخلاً. كما يتعين على إدارة المدرسة مراعاة ذلك أيضاً في ترتيب جداول الحصص فلا تتسع مثلاً درساً في اللغة الانجليزية درساً في اللغة الفرنسية.
3.عدم أخذ فترة من الراحة والاستجمام الكافي بين استذكار وحفظ المواد المختلفة:
فقد لوحظ أنه لو أتم حفظ موضوع معين كقصيدة من الشعر مثلاً ثم شرع بعد ذلك مباشرة ودون أن يأخذ فترة من الراحة في حفظ مادة أخرى كقائمة من الأرقام... فإن نسبة ما ينساه من الشعر تكون أكثر بكثير فيما لو كان قد استراح فترة بعد حفظ الشعر..
فحفظ الأرقام يتداخل في حفظ الشعر فيطمس عليه فيساعد على النسيان. ويزداد هذا التداخل لو كان حفظ الشعر يتبعه حفظ شعر آخر وقد سميت هذه الظاهرة التي أيدها التجريب "بالتعطيل الرجعي" أو "التعطيل البعدي".. ويقصد به تداخل التعلم اللاحق في التعلم السابق مما يؤدي إلى نسيان بعض ما تم مذاكرته.
لذا يتعين على الطالب- كما قلنا- ألا يبادر بتحصيل أو حفظ موضوع بعد آخر إلا بعد أن يأخذ فترة من الاستجمام.
5. عدم الاهتمام بالمادة والاستهتار بها:
نحن ننسى ما لا نهتم به وهذه قاعدة عامة تسري على عملية المذاكرة.. فإذا لم يكن لدى الطالب دافع حقيقي ورغبة في استيعاب أو حفظ مادة معينة فهو قريب من نسيان ما بصدده.
فكلما كان الدافع قوياً زادت فاعلية المذاكرة والحفظ.. ونقصد بالفاعلية مثابرة الطالب واهتمامه بما يستذكر أو يبغي حفظه. ثم إن الاهتمام ليس ضرورياً لبدء المذاكرة فحسب وإنما ضروري أيضاً للاستمرار فيها والتغلب على صعوبات وعقبات التحصيل..
6. عدم فهم الموضوع أو المادة:
يجب أن نتذكر هذه القاعدة إن عدم الفهم يؤدي إلى النسيان وإن الفهم يؤدي إلى التذكر.. ولذا فكلما ازداد فهمنا لمادة أو موضوع كلما ازدادت جودة تذكرنا له.
فالحق أننا لا نستطيع تذكر ما لا نفهمه ولكن بعض الطلاب- للأسف- يلجأون إلى حفظ ما لا يفهمونه.. والذاكرة في هذه الحالة تسمى "الذاكرة الصماء" وهذه الذاكرة تعاني من سرعة النسيان ولذا ننصح الطالب بضرورة أن يفهم الموضوع قبل كل شيء ومهما اضطره ذلك إلى معاودة قراءته ودراسته أكثر من مرة أو الرجوع إلى كتاب آخر تبسيطاً أو الاستعانة بآخر، المهم أنه ينبغي على الطالب أن يتشبث بفهم ما يقرأ وإلا فإنه لن جيداً ما بذل فيه الوقت والجهد الكبير –ومن هنا تتضح أيضاً- أهمية الإصغاء والاهتمام بشرح المدرس والاستفسار عن غوامض المادة.
يقولون بأن الحالة النفسية والجسدية للطالب تلعب دوراً في الموضوع.. أليس كذلك؟
لقد دلت الدراسات الحديثة والتي تناولت فيزيولوجيا الدماغ، على أهمية الاسترخاء والتهيئة النفسية والجسدية للطالب قبل البدء بأي فعالية تستوجب استخدام القدرات العقلية للفرد.
وقد أثبتت هذه الدراسات أن معالجة المعلومات في الدماغ وتسجيلها في الذاكرة، تتطلب خلو الجو النفسي للطالب من أي منغصات قد تؤدي بدورها إلى التشويش الفكري الذي من شأنه أن يعرقل فعلياً معالجة المعلومات.
ودلت هذه الدراسات أيضاً، على أنه إذا أجبر الطالب نفسه على استيعاب المعلومات وهو في حالة نفسية متوترة، فإن المعلومات الجديدة المسجلة في الذاكرة بطريقة قسرية سيصعب استرجاعها حين الطلب بسبب عدم ترميزها بطريقة نظامية في الذاكرة.
لذلك قيل أنه كلما كنا في حالة نفسية أهدأ، كان الجزء الفعال من العقل أكثر اتساعاً لاستقبال ومعالجة المعلومات الجديدة. إذا نجد أن المذاكرة الناجحة، تحتاج إلى التهيئة النفسية والجسدية من الطالب، قبل البدء بعملية المذاكرة، ولأهمية هذه الخطوة فإننا سنذكر طريقة للاسترخاء الذاتي أثبتت فعاليتها في قدرتها على جلب الهدوء النفسي للطلاب، بالإضافة إلى قدرتها على دفع الطالب نحو النجاح والتفوق، وهذه الطريقة أوجدها شخص ألماني عام 1905.
البداية هي الحفظ والمذاكرة وأنتم تحذرون من الحفظ الذي لا يسبقه فهم أي "الحفظ الصم".. لماذا؟
فعلاً لأن الطالب الذي اعتاد أن يسلك طريق الحفظ الصم سيفشل في أحد أهم جوانب حياته:
أولاً: سيخفق في تحقيق درجات دراسية عالية في الامتحان، إما لأن ذاكرته ستخونه ولا يستطيع تذكر ما حفظه عن ظهر قلب، أو لأن واضعي الأسئلة الإمتحانية بدؤوا يفكرون اليوم في وضع صيغ جديدة لأسئلة إمتحانية تكشف مدى قدرة الطالب على معالجة المعلومات عن طريق إجابته، وتنكشف بذلك قدرة الطالب على فهم المادة الدراسية.
ثانياً: في جانب انعكاس الحفظ الصم على أداء الطالب، الأمر الذي يرتبط بحياته المعاصرة فقد أصبحت فرص العمل في عالمنا المتغير الذي يعيش ثورة علمية وتقنية هائلة، تتطلب من الأفراد أن يمتلكوا مهارات عالية، ولديهم القدرة على تجديد معارفهم وابتكار أفكار جديدة، وبالتأكيد فإن الحفظ وحده لا يكفي لامتلاك مهارات عصرية تتطلبها مستجدات الحياة ولا يكفي أيضاً لتجديد والابتكار. وقد أشارت الدراسات النفسية إلى أن فهم واستيعاب الطالب لمادة دراسية تحميل مؤشرات مهمة، فهي تدل على مدى اهتمام ورغبة المتعلم نفسه بالتعلم، والتعلم الناجح كما هو معروف هو الذي يقوم أساساً على الدافعية الذاتية، لكن هذه الدافعية من قبل المتعلم لا تكفي وحدها لفهم المادة الدراسية واستيعابها، بل لا بد أن تستند أيضاً إلى مجموعة من الشروط حتى نصل إلى تعلم جيد